2012/05/18

البحث عن نهايه اخرى


حين رأيتها ..عرفت انها تشبه كل اللاواتى اعجبت بهن .. هادئات كلهن وهن صامتات , دافئات كلهن وناعمات , وحين يتكلمن يظهر فى عيونهن مرح الاطفال , شقاوتهن محاطه بهاله من الأدب , وضحكهن يخرج من القلب.
تشبههن جميعا لاننى لن التفت اليها ان لم تكن مثلهن.
البدايه لا تختلف .. أقابلها صدفه, أتحدث معها وكأننا اصدقاء منذ وُلدنا , تندهش - كالعاده - كيف صرنا هكذا فى وقت قصير .. لكنها لا تمانع - مثلها مثلهن - فى التمادى فى تلك الصداقه اكثر .. نتبادل الهواتف والايميلات .. نتكلم كثيرا لنحكى كثيرا ونضحك كثيرا.
احاديثنا تكون عن كل الاشياء المضحكه التى مرت علينا طوال السنوات الفائته ..وكأن احدنا عاد من سفرٍ ويريد ان يحكى لصديقه كل ما فاته.
يمتعنى حديثها , تجذبنى اليها , تثير فيّ الرغبه فى الكتابه عما تثيره بداخلى.
تشبههن .. الحديث معها يتحول للهزار كلما انعطف ناحيه الجد.. وفى الهاتف يعجبنى صوتها .. كلهن يعجبنى صوتهن.. لو لم يعجبنى لما عرفتهن .. انا احب بعينى واذنى اولا وثانيا.

تشبههن فى ضحكها عندما تجاملنى على اى شئ .. فأسألها مازحا هل تريدين رقم اهلى لتتقدمين لخطبتى ؟..وتشبههن جميعا حين تحتار فيما اريده -حقا - منها ... نتبادل كلام الحب هازلين ولن نتوقف ... وتظل فى حيرتها عن  نسبه الجد فى كلامى ونسبه الهزل , نحكى عن الماضى الحزين -قليلا فقط - ونضحك .
 وتختفى فجأه مثلهن ايضا , لأعود وحيدا كما أنا .. منتظرا ان تبدأ القصه بطريقه اخرى .. لعلها هذه المره تنتهى نهايه اخرى

2012/05/05

الجدات لا تثور

 (1)
ادعى اننى اعرف كل التفاصيل عن حياه ابى .. كل التفاصيل التى من الممكن جمعها حاولت ان اجمعها .. تعليقاته على هوامش كتبه , قصص الاقارب والاصدقاء عنه , صرت اعرف كل الحماقات التى ارتكبها فى الطفوله , اعرف خلافاته مع جدى كيف ابتدت وكيف انتهت , اعرف عِنده مع مدرسه فى الاعدادى وقرار الرسوب عندا فيه .. اعرف كل صفاتى التى ورثتها منه.

انا اعرف كل التفاصيل التى لم يجمعها غيرى ... اعرف عن جدته والدى التى ربته بعد وفاه والدته ... واعرف من اين ورث كل هذا الحنان... اعرف عنها هى –جدته- الالاف القصص التى جعلتنى احبها ... هؤلاء الذين تربيهم جداتهم يصبحون اكثر حنانا وحبا وعطفا .

لن تصدق اننى ذهبت للمستشفى التى توفى فيها ... زرتها وتجولت فى اروقتها كأننى كنت ابحث عنه هناك .. لم استطع التعرف على سريره ولا على غرفته بالطبع .. لكن شيئا ما كان ينادينى ان ازور هذا المكان... عمى كان يكره هذه المستشفى .. يكره حتى المرور من امامها .. لذا كان من الصعب على اصطحابه معى ليخبرنى اين كانت غرفه والدى ... ومع ذلك ذهبت اليها وحدى.

انا احبه ... ربما لم أره طويلا ... ربما توفى وانا صغير لتكون معى ذكريات كثيره عنه ... لذا استمتعت بجمع القصص عنه.

تصورت ان الجميع يفعلون ما فعلته .. الكل يصيبه الفضول ليعرف اكثر عن حياه ابويه فى حاله ان اراد الله ان يحرمه منهم فى احدى محطات حياته.

 
(2)

هى فتاه لم تكمل التاسعه عشر من عمرها بعد اندهشت منها عندما اخبرتنى انها لا تعرف تفاصيل الحادثه التى اودت بحياه والديها وهى طفله ..اخبرتنى ان جدتها - التى تولت تربيتها - لا تحب الكلام فى هذا الامر .. فقلت لها عندها حق وانا اتسأل فى داخلى من يستطيع ان يمنع فضوله ليعرف تفاصيل امرا كهذا .. من يستطيع ان يمنع نفسه ان يسأل الاهل , الاقارب , الابعد , او حتى المعارف واهل البلد الذين عاصروا هذه الحادثه بالتفصيل .. ولماذا كان عليها ان تكتفى بغضب الجده ورغبتها فى عدم الحكى.

(3)

هى ككل الذين ربتهم جداتهم ... كأبى وعمى ..عينيها تشع بالحنان والطفوله .. انا اعرف هذه العيون .. رأيتها فى كل الطيبين الذين عرفتهم .. لكنها تزيد عليهم بشقاوه الطفوله البديعه ... جسمها الصغير وضحكتها الصافيه وعينيها الضاحكه الحانيه ستجعلك تظن انها مازلت طفله فى المدرسه .. حتى الاطفال اعينهم لم تعد بهذا الصفاء .. تدهشك ردود افعالها وارائها فى الحياه ..ورثت حنان الاجداد وارائهم .. لكنى لم اعرف من اين ورثت جمال الشكل والروح معا. 
(4)
اثارت فضولى .. لأول مره افهم كيف لمن هم فى مثل عمرنا معارضه الثوره؟... لم اكن فى البدايه افهم كيف يمكن لهذا ان يحدث؟ .. لذا توقفت عندها طويلا.

ارائها ستزعجك بالطبع لو كنت مؤيد للثوره .. هى مؤمنه "ان ربنا سيختار لنا الخير .. ربنا كبير .. نهدا بقى عشان البلد تقف على رجلها ".. ارائها تشبه اراء الجدات الكبار ..بالطبع تزعجنى .. اخبرها اننا نحن الشباب نصنع الاحداث لا ننتظرها تحدث .. ربنا كبير وسيختار لنا الخير فقط لو قمنا ننتزع حقوقنا ونبنى مستقبلنا .. لو شاركنا فى كل شئ .. لو غضبنا حين تنتهك كرامتنا او كرامه غيرنا .. لو هتفنا بسقوط كل فاشل وكل جبان وكل خائن .. لو نزعنا عنهم السلطه والجاه حينها فقط سيختار لنا الله الخير .. حنان الجده رائع .. اما ارائها مزعجه ومثيره للغضب.

اقناعها امر مزعج .. ككل الطيبين تظل تردد كلمات الكبار ان "اهم حاجه بس حال البلد يتعدل .. وربنا ان شاء الله هيكرمنا " حينها اكره كل الطيبين .. احب الثائرين .. هؤلاء الذين يحمر وجههم وتنتفض عروقهم عندما يتحمسون لفكره ما.
 
(5)

اذكرها ان كل الكبار فاشلين .. تخرجوا من معاهد او كليات لم تتطلب منهم موهبه خاصه او ذكاء كبير .. نجحوا بصعوبه .. اشتغلوا بالواسطه فى مكان لم يزيدهم الا غباء .. ذكائهم لا يؤهلهم ليعملوا فى اماكن مرموقه لذا فهم مدينون للفساد وسيدافعون عنه .. لم يتطوروا ولا يحتاجون لهذا .. فقط عليهم ان يدعوا للفساد ليلا ونهارا ... الكبار فاشلين وانتفعوا من الفساد
.
 
(6)

تستمر فتشعل غضبى .. احاول ان ابث فيها طاقه الشباب .. اخاف على روحها ان تشيخ مبكرا ..اخاف ان اراها جده وهى لم تطفئ شمعتها العشرين بعد.

انصحها ان تختلط بين اصدقائها .. الا تستمع للكبار ان تسمع لمن هم فى عمرها .. ان تقرأ للناجحين .. ان تقرأ وتقرأ وتقرأ لتكتسب خبره الاكبر دون ان تفقد حماس سنها .. ادعوها لتصنع ثقافتها وتثور على كل افكار الجدات اللتى تحيطها... الثقافه والقراءه فقط هى املك الوحيد يا عزيزتى لتعيشى سنك .. وتخرجى من كلام الفاشلين- الكبار - قبل ان تصبحى مثلهم