2007/11/23

عصاه ابى

ده اول موضوع اكتبه هنا وقلت

منذ فتره طويله وانا اتذكر عصاه ابى...ابحث عنها ثانيه ...لا اعلم اين هى ...فمنذ وفاه والدى وانا لم اعد اجد عصاه ابى

هذه العصاه التى كم اوجعتنى.... علمتنى ....وكم انا افتقدها الان

فى الماضى السحيق عندما كان ابى مسافر فى السعوديه...كانت امى اذا ارادت ان تضربنى على اى خطا فعلته ...كانت تجرى ورائى فى الشقه كلها.... وكنت اجرى وهى ورائى ...وفى النهايه وعندما لا اجد بد من الاستسلام... استسلم وتضربنى كام ضربه وخلاص


او كنت اجرى على البلكونه وهذا المكان الوحيد التى كانت تتركنى امى عشان الناس فى الشارع بتكون شايفانا...وكنت ساعتها افتح باب البلكونه واقولها خلاص والنبى* ياماما....ونبدا المفاوضات التى كانت غالبا ما تنتهى .....بتعال وهضربك بالراحه
وعلى الرغم من انى لا اعتقد ان نظام امى كان نظام ناجح.... الا انه كان نظام كافى جدا الا افعل شئ خاطئ خوف الضرب على الاقل
عندما عاد ابى من الغربه كان هناك اسلوب تانى
ابى لم يكن يستخدم الضرب الا فى اضيق الحدود .....لكنه كان يستطيع ان يبكينى ....واعاهده الا افعل شئ خطأ ثانيه
كان ابى ياخذى فى غرفه نومه ويضع يده تحت راسى ويقول لى
قولى بقى يا محمود ليه عملت كده
اقوم اتعدل عشان اكلمه
يقولى بهدوء شديد بتعلى صوتك ليه انا بكلمك بالراحه .... ليه عملت كده؟
اقول والله يا بابا اصل...
يقولى متحلفش
اقوله حاضر انا اسف انا فعلا غلطان
طب هتعمل ده تانى
لأ
وعد؟
وعد
وفى الاخر يقولى بص يا محمود يا حبيبى لو انت عملت كده هيحصل كذا وكذا والناس تقول انك مش متربى وربنا يزعل منك..... وكمان فى حد مؤدب يعمل كده...... انا عارف انك كنت عايز تعمل كذا بس الناس الكويسه لازم تكون كذاوكذا
وكان كل نقاش يدور بينى وبين ابى.... ابكى فيه لا انى اشعر انى غلطت غلط كبير وابى يمسح دموعى ويقولى ربنا يبارك فى يا شيخ محمود متبكيش خلاص انت مش هتعمل كده تانى صح؟
اقول وانا ببكى صح

وحكايه يا شيخ محمود الى ابى كان بينادينى بيها دى كانت برضه من اسلوب تربيه ابى
لما كنت اعمل غلط له علاقه بالاخلاق اوالمعاملات العامه او الدين كان ينادينى ابى وهو يلومنى بيا شيخ محمود وده كان بيخلينى فى قمه الاحراج منه لانى بحس إنى بخيب امله فيا.....ولما يكون الخطأ له علاقه بالدراسه كان ينادينى بيا دكتور محمود
فهمتوا كان قصده ايه؟
هذه الكلمات وكلمات اخرى جعلتنى اشعر ان ابى يثق فى ثقه عمياء وعلى الرغم من انى كنت بين رابعه خامسه ابتدائى الا انى كنت اخاف ان اهز ثقه ابى فيا ... كنت اخاف ان افعل اى شئ خطأ حتى لا تهتز صورتى امام ابى

ما زلت لا اسنتطيع ان انسى طقوسه اليوميه عندما اعود من المدرسه ينادى علينا واحد واحد ويأخد يكلمنا عن ما حدث فى المدرسه ..... من اول ايه الى حصل فى الحصه الاولى ولحد المرواح وما يزهلنى هو انه كان يتذكر كل التفاصيل حتى التافهه التى تحدث ويسألنى عنها تانى يوم
كنت احكى له حتى على خناءات العيال فى المدرسه وكان دائما يقول رايه
كان دائما يقول لو كنت مكانك كنت هعمل كده وانا اقوله لا كده هيفتكر انى ضعيف ...يقولى كده هيفتكر انك راجل ودماغك كبيره مش زيه
كان ابى يناقشنى فى مشاكلى كما لو كان طفلا اكبر منى بسنه او اثنين فقط
وكان رايه يعجبنى ولو مش مقتنع بيه يقولى مش هتخسر حاجه جرب وشوف ايه الى هيحصل وكان يضحك لما اقوله ماشى هشوف
ربما لم اعد اذكر من عصاه ابى الا الطريقه الفريده التى كان يستخدمها
ابى لم يكن يجرى ورائى ولكنه كان يقول لى تعالى هنا
كنت اذهب وكاننى تحت تأثير السحر
يقول لى مش انا قلت كده غلط وانت قلت مش هتعمل كده تانى
اقوله اصل حصل واقول اى حجه
ربما اقتنع وتركنى
وربما قال طب افتح ايدك خد عصايه واحده خفيفه عشان متنساش
وربما قال بصوت عالى افتح ايدك خمس عصيان وجامدين عشان متعملش كده تانى
كل هذه الذكريات التى تذكرتها لابى بل الله ثراه كانت عندما رايت قصيده فاروق جويده واليكم القصيده


قد قال لي يوماً أبي
إن جئت يا ولدي المدينة كالغريب
وغدوت تلعق من ثراها البؤس
في الليل الكئيب
قد تشتهي فيها الصديق أو الحبيب
إن صرت يا ولدي غريباً في الزحام
أو صارت الدنيا امتهاناً .. في امتهان
أو جئت تطلب عزة الإنسان في دنيا الهوان
إن ضاقت الدنيا عليك
فخذ همومك في يديك
واذهب إلى قبر الحسين
وهناك صلي ركعتين
(2)
كانت حياتي مثل كل العاشقين
والعمر أشواق يداعبها الحنين
كانت هموم أبي تذوب .. بركعتين
كل الذي يبغيه في الدنيا صلاة في الحسين
أو دعوة لله أن يرضى عليه
لكي يرى .. جد الحسين
قد كنت مثل أبي أصلي في المساء
وأظلُ أقرأ في كتاب الله ألتمس الرجاء
أو أقرأ الكتب القديمة
أشواق ليلى أو رياضَ .. أبي العلاء
(3)
وأتيتُ يوماً للمدينة كالغريب
ورنينُ صوت أبي يهز مسامعي
وسط الضباب وفي الزحامِ
يهزني في مضجعي
ومدينتي الحيرى ضبابٌ في ضباب
أحشاؤها حُبلى بطفلٍ
غير معروف الهوية
أحزانها كرمادِ أنثى
ربما كانت ضحية
أنفاسُها كالقيدِ يعصف بالسجين
طرقاتُها .. سوداء كالليل الحزين
أشجارها صفراء والدم في شوارعها .. يسيل
كم من دماء الناس
ينـزف دون جرح .. أو طبيب
لا شيء فيك مدينتي غير الزحام
أحياؤنا .. سكنوا المقابر
قبلَ أن يأتي الرحيل
هربوا إلى الموتى أرادوا الصمت .. في دنيا الكلام
ما أثقل الدنيا ...
وكل الناس تحيا .. بالكلام
(4)
وهناك في درب المدينةِ ضاع مني .. كل شيء
أضواؤها .. الصفراء كالشبح .. المخيف
جثث من الأحياء نامت فوق أشلاء .. الرصيف
ماتوا يريدون الرغيف
شيخٌ ( عجوز ) يختفي خلف الضباب
ويدغدغ المسكينُ شيئاً .. من كلام
قد كان لي مجدٌ وأيامٌ .. عظام
قد كان لي عقل يفجر
في صخور الأرض أنهار الضياء
لم يبق في الدنيا حياء
قد قلتُ ما عندي فقالوا أنني
المجنونُ .. بين العقلاء
قالوا بأني قد عصيتُ الأنبياء
(5)
دربُ المدينة صارخُ الألوانِ
فهنا يمين .. أو يسارٌ قاني
والكل يجلس فوق جسمِ جريمةٍ
هي نزعة الأخلاقِ .. في الإنسانِ
أبتاه .. أيامي هنا تمضي
مع الحزن العميق
وأعيشُ وحدي ..
قد فقدتُ القلبَ والنبضَ .. الرقيق
دربُ المدينة يا أبي دربٌ عتيق
تتربع الأحزانُ في أرجائه
ويموت فيه الحب .. والأمل الغريق
(6)
ماذا ستفعل يا أبي
إن جئتَ يوماً دربنا
أترى ستحيا مثلنا ؟؟
ستموت يا أبتاه حزناً .. بيننا
وستسمع الأصواتَ تصرخُ .. يا أبي : يا ليتنا ..يا ليتنا .. يا ليتنا
وغدوتُ بين الدربِ ألتمسُ الهروب
أين المفر؟
والعمرُ يسرع للغروب
(7)
أبتاهُ .. لا تحزن
فقد مضت السنين
ولم أصلِّ .. في الحسين
لو كنتَ يا أبتاهُ مثلي
لعرفتَ كيف يضيع منا كلُ شيء
بالرغم منا .. قد نضيع
بالرغم منا .. قد نضيع
من يمنح الغرباءَ دفئاً في الصقيع؟
من يجعل الغصنَ العقيمَ
يجيء يوماً .. بالربيع ؟
من ينقذ الإنسان من هذا .. القطيع ؟
(8)
أبتاهُ
بالأمس عدتُ إلى الحسين
صليتُ فيه الركعتين
بقيت همومي مثلما كانت
صارت همومي في المدينةِ
لا تذوب بركعتين

مع تحفظى على الصلاه فى المساجد التى فيها قبر وعلى كلمه والنبى التى كنت بقولها لامى وانا طفل